منى شماخ: تعاملت مع قضايا المرأة من واقع إنساني وتجربة الكرديات متميزة

منى شماخ، كاتبة وسياسية مصرية تحفر اسمها بأحرف من نور، بكتابات واقعية حول المرأة وقضاياها، انطلاقاً من طبيعة إنسانية لمجتمع وليس بحصرها في مباراة صفرية مع الرجل.

وكالة فرات للأنباء (ANF) جمعها حديث مع منى شماخ التي إلى جانب عملها كأمين لإعلام الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي تحترف الكتابة لا سيما القصة فكانت المرأة بطلتها، ودار نقاش معها حول إشكاليات المرأة في الشرق الأوسط، وزاوية المعالجة التي ناقشت بها أوضاعها، لا سيما مع تصاعد الأزمات السياسية التي أخذت أبعاداً عسكرية كانت النساء أكثر من دفعن ثمنه.

تطرق النقاش كذلك معها حول تجربة المرأة الكردية خاصة في مناطق شمال وشرق سوريا التي قدمت التطبيق العملي للمفكر عبدالله أوجلان (آبو)، الذي كان للمرأة في فلسفته مكانة خاصة، حيث أشادت منى شماخ بتلك التجربة، معتبرة أن جزء من هذا النجاح يعود إلى أن المجال مفتوح بشكل أكبر أمام المرأة الكردية.

إلى نص الحوار:  

*بداية، ماذا عن كتاباتك وموقع المرأة فيها؟

- أنا بصفة عامة مهتمة بالكتابة عن المرأة ليس من باب المواجهة مع الرجل أو التحدي لكن كوني امرأة وجدت نفسي أستطيع الكتابة أكثر عنها وأفهم واقعها أكثر. وكان لدي مجموعة قصص وآراء تحت عنوان "عين على مصر" وتضم مقالات ومجموعة قصص قصيرة جداً قمت بجمعهم معاً في كتاب بعد أحداث 25 يناير/كانون الأول 2011، وشملت مجموعة كتابات لي عبر الإنترنت والمواقع والمقالات كانت عن ثورة يناير. ثم بعد ذلك كتبت "لأني امرأة" وكانت منذ حوالي 4 سنوات، ثم كتبت بعد ذلك "قولي لا"، وكما قلت كنت أكتب عن المرأة لكن ليس عنها في مواجهة الرجل.

*ماذا تقصدين بالكتابة عن المرأة ولكن ليس في مواجهة الرجل؟

- أنا أكتب عن المرأة في مواجهة المجتمع والعادات والتقاليد والأفكار الخاطئة، وذلك لأني امرأة فأستطيع تناول كثير من مشاعر المرأة والسيدات تجاه ما يواجهن في مجتمعاتنا من مشكلات، وكما نعلم فالمجتمعات العربية متشابهة جداً. وعندما وصلت إلى المجموعة الثالثة "قولي لا" أخذت فيها اتجاهاً مماثلاً بالتأكيد على رفض الأفكار الخاطئة، ورفض القيود التي تكبل المرأة بلا داع، فالأمر لا يتوقف عند العادات والتقاليد والقيم، وإنما يمتد إلى تلك القيود التي تفرض على المرأة دون داع.

*ما هي تلك القيود التي يفرضها المجتمع على المرأة كما تقولين "دون داع"؟

- مثل قيود الأسرة والأخ الأكبر وما يفرضونه على المرأة من وجهة نظرهم، والأب كذلك أو الزوج، كأن يفرضوا عليها ما يرونه مناسباً لها من وجهة نظرها. أيضاً تناولت قيوداً مثل النظرة إلى الأرملة واعتقاد أنها يجب ألا تعيش حياتها بشكل طبيعي مرة أخرى. فتضم المجموعة قصة تتحدث عن فتاة تتخلص من قيد الأسرة والأخ الأكبر الذي يفرض عليها خياراته الخاصة بشأن شريك حياتها. وهناك قصة أخرى عن الأرملة التي تُحرم من حقها في العيش مجدداً والاستمتاع بحياتها. كما أن هذه القيود قد تكون في شكل عواطف ومشاعر.

*ما يمكن تسميته بالابتزاز العاطفي، أليس كذلك؟

- بالفعل، كأن تفرض امرأة قيوداً على ابنتها من خلال ما لدى الإبنة من مشاعر وعواطف تجاه أمها، فلا تريد أن تغضبها أو تخشى أن تكون سبباً في حزن لها أو مضايقتها، ولهذا تقبل الامتثال لبعض قيود الأم لتجنب موقف مثل هذا.

*أنه ملفت للاهتمام لا تختزلين أزمات المرأة في فكرة الصراع مع الرجل، بل تركزين على المجتمع ككل، وحتى القيود التي قد تفرضها المرأة على نفسها..

- بالتأكيد، هذا شيء أرفضه تماماً أن يتم اختزال الأمر في مجرد صراع بين المرأة والرجل، القيود لا يشترط أن يكون مصدرها الرجل فقد تكون لامرأة على امرأة. وفي قصصي أعمل دائماً على إبراز أن القيود قد تأتي من أي شخص، سواء كان رجلاً أو امرأة. وأحياناً نجد الأم أكثر تحكماً في ابنتها من الأب، أو الحماة ربما نجدها تفرض قيوداً على زوجة ابنها. والحقيقة فإن القيود ليست صراعاً بين الجنسين فقط، بل منظومة اجتماعية يتحكم فيها الجميع.

*من أين تستلهمين قصصك، هل تجارب شخصية أم مقتبسة من قصص حقيقية، هل للخيال مكان فيها؟

- في الغالب تكون مزيجاً بين كل ذلك، فأنا أستمع كثيراً إلى قصص من أصدقائي ومعارفي، ثم أضيف إليها خيالي الخاص وأُضفي عليها حبكة درامية، وأحياناً تكون القصة مستوحاة بالكامل من واقع معين أسمع عنه.

*من بين القصص التي كتبتها، هل هناك قصة شعرتِ أنها الأقرب إلى قلبك؟

- في المجموعة السابقة "لأني امرأة" تأثرت جداً بقصة سفر زوج على سبيل المثال كنت متأثرة بها جداً. أما في مجموعة "قولي لا" فإن قصة عشتار هي الأبرز بالنسبة لي، وقد تناولت فيها معاناة المرأة الفلسطينية قبل أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لأن معاناة المرأة الفلسطينية لم تبدأ بعد هذا التاريخ، بل كانت مستمرة منذ عقود، وجاءت أحداث تشرين ربما لتسلط الضوء على المأساة بشكل أكبر، لكنها لم تكن البداية.

*كيف ترين واقع المرأة في منطقة الشرق الأوسط، في ظل الصراعات والتحديات القائمة؟

*واقع ما يجري في المنطقة من أوضاع صعبة ليس مقتصراً على المرأة فقط، بل الإنسان في منطقتنا بأكملها يعاني. ولكن بحكم أني أكتب عن مشاعر المرأة، أرى أن هناك دائرة مغلقة من القهر.

*ماذا يعني مصطلح دائرة القهر؟

- أقصد أن كل فرد يتعرض للظلم والقهر يمارسه بدوره نفس الظلم والقهر على من هو أضعف منه. الرجل الذي يقهره المجتمع قد يُمارس نفس الأمر على زوجته أو أطفاله، والمرأة بدورها قد تُمارس نفس الأسلوب على أبنائها أو غيرهم.

*هل تابعتِ تجربة المرأة الكردية، مواجهتها لتنظيم داعش الإرهابي، أو دورها في الإدارة وشراكتها في كل شيء تقريباً؟

- نعم، سمعت كثيراً عن تجربة المرأة الكردية وهي تجربة متميزة، وربما يعود تميزها إلى أن المجال مفتوح أكثر أمام المرأة الكردية، ولهذا كان لها حضورها. وقد تحدثت مع كثير من الأصدقاء وأرى أن ما حققته من تمكين مستوى يحترم للغاية. هي تجربة متميزة ربما تضاف لتجربة المرأة في تونس كنماذج للنجاح. ربما المرأة التونسية ينقصها أن يكون المجال مفتوحاً أمامها أكثر مثلما هو مفتوح أمام المرأة الكردية.

*تجربة المرأة الكردية استمدت نجاحها من فلسفة المفكر عبد الله أوجلان الذي أعطى مكانة متميزة للمرأة، فلسفة تؤمن أن تحرير المرأة من شأنه تحرير المجتمعات والشعوب والدول، كيف ترين ذلك؟

- حقيقة هي نظرة محترمة جداً وصحيحة وأتفق معها، وهذا يعيدنا إلى ما أراه وما قلته بشأن دائرة القهر المفرغة، أي أن المرأة المقهورة ستقهر طفلها أو زوجها، والعكس صحيح. وهذا نراه في كثير من نماذج تربية الأمهات لأبنائهم، من خلال الإجبار الذي كما أشرت إليه من قبل باستخدام العواطف أو الابتزاز العاطفي كما أطلقنا عليه.

*هل لديك ما تودين إضافته؟

- لا ليس لدي شيء، ولكن أشكركم على اهتمامكم بكتاباتي، التي أتمنى أن يكون لها تأثيرها ودورها في معالجة بعض من الإشكاليات التي تواجه المرأة وتعالج قضاياها، ليس من منطلق الانحياز ضد الرجل ولكن انطلاقاً من مواجهة هذه الظروف كإشكاليات مجتمعية.